أنزل الله على قوم العذاب ، وأهلك أهلهم وقريتهم وتمزقت عوائلهم ، وفي تلك الأثناء أمر النبي موسى (عليه السلام) القوم بالمزيد من الصلاة والدعاء ليفرج الله بلاء هلاك هؤلاء القوم وان يبدل حال القوم وينزل الله عليهم الرحمة والمغفرة ولكن كل يوم تزيد الحاله القوم سوء وتزيد المشاكل وتتفاقم بصورة رهيبة ، حتى أن النبي موسى (ع) أمرهم بالانشغال بالدعاء والصلاة والصدقة والإستغفار ليل نهار ، وان يكون السهر الى الصباح من أجل أن يفك الله الهم والغم لهذه الأمة .
ولكن الله كان في كل يوم يزيد العذاب على هؤلاء القوم !
فأمر النبي موسى (ع) قومه ليجتمعوا وينادوا ربهم ...
فقال النبي موسى (ع) ربي هؤلاء قومي واهل قريتي قد نزل عليهم العذاب وهم من العابدين لك والمخلصين لك ويقيمون الصلاة ويستغفرون لك بإخلاص ليل نهار .
فلماذا لم تستجب لهم ولم تنزل عليهم رحمتك وغفرانك ؟ إلهي من لهم غيرك ؟
فجاء الجواب من رب الجلالة : يا نبي الله موسى
أن في هذا القوم إنسان ( نمّام ) يعيش على النمّيمة . ويعتاش عليها ويتغدى بها ليل نهار . وهذا النمّام قد فرّق الأم عن إبنتها والبنت عن أمها والأب عن أبنه والأبن عن أبيه ، وفرق الأخت عن أختها ، والأخ عن أخية ، وفرق شمائل العوائل وفرق شمائل القوم .
هذا النمّام يا نبي الله قد مزّق الأمة وفتتها وهو ينشغل ليل نهار في إذكاء الفتن بين القوم وتفريق شملكم وتمزيق عوائلكم وهو أحد أفراد قومكم وليس من خارج قومكم .
فقال النبي موسى(ع) لربه : ولكن قومي يجتهدون بالصلاة والإستغفار لك وهم قوم مؤمنون ؟
فجاء جواب الله : أن يا نبي الله ، ولكني لا أنزل رحمتي ولا أستجيب الدعاء إلى قوم وفيهم إنسان ( نمّام ). ويعيش على الفتن ويفرق بين الناس .
فال النبي يا ربي ما أصنع ؟
فال له الله عز وجل : دع هذا النمّام يخرج من بين أبناء قومك ليستغفر ويتوب .
فخطب النبي في قومة : يا قومي ،إن الله عز وجل يقول إن فيكم رجل نمّام قد فرّق الأم عن إبنتها والبنت عن أمها والأب عن أبنه والأبن عن أبيه ، وفرق الأخت عن أختها ، والأخ عن أخية ، وفرق شمائل عوائنا وقومنا . فندعوه أن يخرج بنفسه ويستغفر الله ويتوب لكي ينزل الله علينا رحمته ويستغفر لنا .
- فإرتعد هذا ( النمّام ) وقام يصيح فيما بين نفسه وعرف نفسه ولكنه لم يخرج أمام القوم ليعترف بسوء عمله !
فردد النبي موسى (ع) النداء في القوم ، ولكن لم يخرج هذا الإنسان النمام !
فصاح القوم ، يا نبي الله أخبر ربك أننا قوم نعبده ولم نرتكب ذنب ونحن من المصلين والمؤمنين بالله ونصلي ونصوم وندعوا الله في الصباح والمساء وكنا من أخلص عباده . فدع لنا ربك يغفر لنا ويعذب هذا ( النمّام ) .
ولكن الله قال : لا أنزل الرحمة وفي قوم وفيهم رجل نمّام . إلا أن يخرج من بين القوم .
ولكن بعد لحظات : جاء جواب الله عز وجل ، أنه يا نبي الله : قد عفوت عنكم وأنزلت عليكم رحمتى .
فتعجب النبي عليه الصلاة والسلام ، وتعجب القوم .
فقالوا له يا ربنا ما حدث ؟
فقال لهم رب الجلالة : أن هذا ( النمّام ) خاطبني بينه وبيني ، أنه يا رب لا تفضحني بين القوم ، أن أنا خرجت أمام القوم أنفضحت وعرفوا أن كل العذاب والعقاب والبلاوي التي في القرية وفي العوائل كانت مني أنا وبسببي . وأنا أتوب إليك يا ربي ولكن لا تفضحني ، ربي عفوك عفوك عفوك .
فقال الله عز وجل:
وانا نبي الله موسى ، رب الرحمة والمغفره فقد عفوت عنه ولا أريد أن أفضح عبدي أن توجه لي بقلب مخلص وتاب إلى إليّ.
يا نبي الله قد عفوت عن قومك وقد عفوت عن هذا الإنسان النمّام .
اللهم أجرنا من بلاء النماميين الذين ينقلون الكلام من شخص إلى آخر ويفرقون الأم عن إبنتها والبنت عن أمها والأب عن أبنه والأبن عن أبيه ، ويفرق الأخت عن أختها ، والأخ عن أخية ، ويفرق شمائل العوائل ويفرق شمائل القوم .
وإن كان بينكم رجل نمّام أو إمرأة نمّامة فدعوهم يستغفرون لربهم ويتوبون توبة نصوحة ، ولا ينقلون كلام الباطل فيما بينهم ، ولا يذكون الفتن داخل العوائل وداخل القريه وداخل العمل وبين الناس .
إللهي عفوك عفوك .
قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم : (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ . هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) (سورة القلم:10،11)
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ
النَّمَّامُ شُؤْمٌ لَا تَنْزِلُ الرَّحمة على قوم هو فيهم.